كنت انوي أن تكون هذه التدوينة عن المناظر الطبيعية وأشجار منطقة الشفا التي سجلت فيها الطيور التي وصفتها في التدوينات الثلاث السابقة ولكن ما حدث يوم الثلاثاء 22 اغسطس جعلني اقرر أن اكتب هذه التدوينة.
ففي وقت الظهيرة دقائق قبل صلاة الظهر حين كان زوجي معي متجهين من مكان ركن السيارة لندخل البيت طار أمامنا طائرين أحدهما هو النغري المقيم في أشجار الحديقة والثاني حط على الغصن فوقنا ما مكن أخذ صور له بالهاتف الجوال، وهنا أسرعت لاحضر الكاميرا وقد ظننت أني لن الحقه فقد كنا قربين منه لشكل قد يفزعه ولكني وجدته فأخذت عدد من الصور وقتها عرفت انه العندليب خاصة مع تشول ذيله .
ومع وجود قطة مع صغارها في مكان قريب قررت رفع صحن الماء على السور ثم اسرعت بملىء صحون الاطعام المعلقة بحفنه من الفول السوداني المكسرة ووضعت شرائح من التفاح والبرتقال. ثم دخلت لاتربص به من نافذة مطلة على مكان صحون الاطعام والماء. ولكنه لم يأت. انتظرت وانتظرت ثم تناولت الغداء ومازال العندليب جاثما على نفس الغصن ولولا تشول ذيله من آن لاخر لظل مخفيا لا يُرى.
بقيت عن النافذة انتظر بعناد متأكدة من انه سينزل ثم غفوت لبرهة وحين افقت لم اعد ارى حركة الذيل فخرجت ابحث عله في مكان اخر لا يظهر من النافذة ولكنه كان مكانه ولكن هذه المرة جفونه مغلقة فقد كان يغط في نوم عميق اتخذت موقعي تحت الشجرة انتظر حتى افاق وصار يتمطي بجناحيه وبروح بذيله الاحمر الحنائي. ثم عاد للنوم، وظل هكذا حتى علمت انه في حالة ارهاق شديد.بقيت انتظر حتى قرب السادسة وهو في مجثمه بلا حراك.
ذكرني هذا بما حدث منذ سنين طويلة ربما عام 2004 عندما لمحت من النافذة طيرا ابيض ورمادي على أحد أشجار الاثل في ارض مجاورة بقيت أراقبه لساعات وهو على حالة وعندما اقترب الغروب قررت ان اذهب إليه وظللت أقترب بحذر وهو يرمقني بتعالٍ من خلف قناعه الاسود فقد كان صرد رمادي كبير كما عملت لاحقا وقتها لم يكن لي خبرة بالطيور. اقتربت جدا منه وهو كما هو بلا حراك، تركته وعدت لاراقبه من النافذة حتى حل الظلام. وهكذا كان الأمر بعد كل هذه السنين مع العندليب الذي اختفى اليوم التالي كما اختفى الصرد وقتها..
هذه الطيور تأتي من رحلة شاقة تعبر فيها قارات وبحار معتمدة على ما أودع فيها الخالق من قوة يبدو لكل من لديه عقل وتمييز انها قوة جبارة يعجز الانسان بجبروته ان يقارعها فلا يجد الحمقى منهم سوى رميها بغدر وحقارة لينهي هذه الرحلة الاسطورية وهو يضحك ملىء شدقيه كالاحمق. لينخرط فريق الحمقى في الثناء عليه واطراء ذكاءه وشجاعته وشهامته المزعومة.
هذا العندليب ومن قبله الصرد وعديد من الطيور تصل إلينا وقد بلغ الاجهاد بها كل مبلغ وكثير منها قد يسقط ميتا إذا لم تتوقف رحلته في الوقت المناسب وقد رأيت هذا عدد من المرات.
حين تصل هذه الطيور هي بحاجة إلى أشجار وارفة الظلال تحميها من الشمس ومن أعين المفترسات وليس أشجار مقزمة عريت من مجموعها الخضري.
وهي بحاجة إلى قليل من الماء يعلق على الاغصان حتى لاتضطر أن تنزل أرضا.
وهي بحاجة إلى طريق هجرة أمن وليس طريق ملىء بالشباك التي تخنقها والرصاصات من مدافع رشاشة ولا فخاخ تطلق أصوات تحاكي أصواتها يضعها صياد منعدم الضمير أو مصور طيورغر همه جمع اشارات الاعجاب في وسائل التواصل.
#دعوها_تمر_بسلام