امتلئت الحديقة في يوم 12 من ربيع الاول الموافق 27 سبتمبر بأصوات غير عادية للنغاري التي لم نعتد أن نسمع تغريدها ولا حتى نداءاتها في هذا الوقت من السنة، ولكن هذا الصباح كانت تصدر اصوات تحذير وقلق بلا انقطاع تتخللها نداءات صداحة عذبة لبرهة ثم تعود لتوترها المتواصل، اصواتها واصرارها اعطاني احساس أن هناك غشنة جادة لسبب لم استطع ان افهمه، والغشنة باللغة الحجازية الدارجة تعني مضاربة او مشادة. وهذا ما ذكرني بالمشادات العديدة التي امتلئت بها وسائل التواصل الاجتماعي في هذا اليوم من أوله بين من يهنىء بالمولد النبوي الشريف ويعتبرها مناسبة تستحق التذكير وبين من يراها بدعة لا تصح.
ولو أن الامر اقتصر على الاختلاف فلا بأس ففي الاختلاف رحمة وهو سنة الله بين الناس، ولكن الامر يصل لما يمكن القول عنه انه غشنة، هذا يبدع ويكفر وهذا يتهم بالجفاء لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلا الطرفان يتطرف في خصومته حتى وصلنا إلى مرحلة ان ينهر احدهم آخر لمجرد انه صلى على الحبيب في يوم المولد، كل فريق يتربص بالآخر وغايته أن يلقي به في نار السعير لاحجة ولا منطق ولاتنازل والكل نسي قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : أنا زعيم بيت بربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا.
حتى صار يوم المولد يوم غشنة بين المؤمنين والمؤمنات تماما مثل غشنة زوج النغري هذا، فكرت باسمة ربما قال لها مولد مبارك فصاحت به هذا حرام وهو يقول يا امرأة لا حرام إلا بدليل وهذا ليس عيد ولا احتفال هو تذكير بهذه المناسبة العظيمة لترد عليه قائلة هذا يوم وفاة النبي هل تحتفل بوفاته هل تفرح بوفاته وهي اعظم مصيبة اصابت البشرية فتنتفخ اوداجه ويرد مغاضبا بالامس احتفلنا بيوم الشجرة ثم يوم القهوة ويوم صديقنا الدوري، الذي جاء يتفرج على الغشنة وهو يتمتم ( اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد) لينهره الحباك مؤكدا ان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
افقت من افكاري وعزمت ان افهم ما سر توتر زوج النغري في هذا اليوم المبارك ولم يطل بي الامر عشر دقائق فقط ثم ظهر العدو الذي اتحد الزوجان لمجابهته على عكس ما ظننت وكان صردا حسينيا الذي يسمى أيضا الدغناش القطبي.
كم هي حكيمة هذه الطيور اصوتها متحدة ومطاردتها للدخيل الشرس اهم من ان تضيع وقتها في سناريو خلاف سخيف كالذي تصورته.