قررت أن يكون شهري الصيف مثمرين من ناحية أن اكثف مراقبة طيورنا المحلية وارجع ملاحظات سابقة سجلتها عنها.
اخترت منطقة بالقرب من المنزل فيها ارض خالية كنت وصفتها في تدوينة سابقة، تحتوي هذه الارض في طرفها الشمالي الشرقي غطاء من نبات الرطريط وفيها تنمو شجرتين برية لم أحددها بعد وشجر اثل عالية(الله يحفظها) وشجر عشر تقتلع عدوانا كلما كبرت، ويطل على الارض من الناحية الشرقية شجرة بزروميا باسقة وشجر نيم باسقة اتمنى لهم طول العمر وان لا يتسلط عليهم احمق ويقطعهم بدعوى انهم كسروا الرصيف.
همسة لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد. الشجرة حياة وبيئة متكاملة وكلما كبرت كلما زاد نفعها، الرصيف اسمنت قبيح يمكن ان تعيد تشكيله بعمل لا يتجاوز يومين وتكلفة لاتزيد عن 200 ريال، الشجرة الباسقة لاتقدر بثمن.
وعلى الناحية الغربية من الارض يطل تجمع من نخلات الواشنطونيا المهملة والتي شكلت ملاذا آمنا لعديد من الطيور لتعشش فيها خاصة الشولة السوداء التي تفضل الاعشاش القريبة من الأرض. يحيط بهذه الارض عدد من المنازل التي تحتوي على حدائق فيها تنوع من الاشجار مثل المنجا والفيكس والاشوكة واللوز الحجازي وعديد من نخلات التمر الاصفر والاحمر الذي نضج بعضه مبكرا جدا.
في خلال شهري يونيو ويوليو رصدت عديد من الطيور هي.
ببغاء الدرة - طير دخيل
الشولة السوداء - طير محلي
العصفور الدوري - طير محلي
الحباك - طير محلي
تمير وادي النيل - طير محلي
النغري الحجازي - طير محلي
النغري ابيض الحلق - طير دخيل
النغري احمر العجز - طير دخيل
الحسون الهندي - طير دخيل طرد الحسون الافريقي المحلي من معظم احياء غرب جدة
اليمامة الضاحكة - طير محلي
اليمامة المطوقة - طير محلي
التمرة الرشيقة - طير محلي
خطاف الجرف
الوروار العربي - طير محلي
وبالطيع عصابات من طيور المينا والغراب الهندي التي تميزت بإعدادها الكثيرة وسلوكها العدواني بشكل أصبح لايطاق.
جميع هذه الطيور كانت مفرخة لذلك كان من المألوف سماع صوت الشولة السوداء ما بين تغريدات خاصة بين الذكر والانثى قبل التزاوج، وتغريدات أو بالاحرى ترنيمات يخاطب بها الأبوين الصغير حين يكون في العش وأيام مغادرته الاولى وهذه الحقيقة تكون ترنيمات عذبة خافته متقطعة ينساب منها احساس جميل بالحنان وغالبا ما تسمع بدون ان نرى الطير الذي يكون مختفيا بالقرب من العش. بينما تغريدات التزاوج أو اعلان المنطقة تكون غذبة صداحة تستمر لعدة دقائق وغالبا ما تكون من غصن متوسط الارتفاع أو من سور أحد البيوت.
من السهل انشاء علاقة مع الابوين وذلك بتعويدهم على فتات الكعك والبسكويت الذي يجعلهم لا يمانعوا من الاقتراب بل وبعض الاحيان تفاجأت بما أظهروا من ود وعرفان لما كنت اقدم لهم، وقد كانت فترة الاطعام تمثل لحظات خيالية انستني حرارة الجو وجعلتني اتمن توقف الزمن لولا ان احد الغربان او أكثر سيتدخل حتما للعدوان وتفريق مجموعات العصافير والحباكات واليمام التي تجتمع لتشارك الشولة افطارها وان لم يأت الغراب فإن زوج من المينا سيأتي بسآلته المعروفة وصيحاته القبيحة ليثير الذعر بين الجمع ليفرقه.
وقد لاحظت انسجام كلا من الشولة السوداء والنغري الحجازي وقت الطعام وغيره ولكن كلاهما لايطيقان النغري أبيض الخد ذو الطبع المراوغ والتصرفات الاستفزازية مع شيء من الجبن، الذي يجعله يهرب من أي مواجهة مع كلاهما لينتظر فرصة أخرى ليعود ويتنمر على الدوري والجباك وربما على اليمامة الضاحكة، اما النغري احمر العجز فهوعدواني نوعا ما لايهاب المواجهة ويريد أن يفرض وجوده على النغري الحجازي ليجعل وجودا امرا واقعا..
والحقيقة اني ارى أن كلاهما قد يكونان ضيوف غير مرغوب بهما على المناطق الخاصة بالشولة والنغري الحجازي، وان كان ضررهما الظاهري الان أقل كثيرا من المينا والغراب الهندي الذي اصبحت عملية مكافحتمها أو على الاقل تحجيم اعدادهم أمرا ملحا لايحتمل التأخير أكثر مما تأخر .
ظهر الوروار العربي خلال هذين الشهرين عدة مرات لم يطل فيها البقاء ولكني كنت أسمعه في أيام أخرى. والحقيقة ان الوراور في هذه المنطقة اصبحت تعاني بعد ان ازيلت مجموعة كبيرة من أشجار الأثل من ارض كبيرة قريبة كانت تمثل موطن لهذه الطيور وغيرها بسبب قدرة أشجار الاصل على اجتذاب الحشرات من نحل ويعاسيب وغيرها، ولكنهم ازالوها من باب "النظافة" وللتأكد انها لن تعاود النمو فقد عمدوا كما هو شائع على تغطية الارض بتربة أصلها من مخلفات الهدم، وكان تربة مكونة من تراب الاسمنت وربما بقايا من مواد صناعية خطرة مثل الاسبستوس او غبار بعد الفلزات أكثر نظافة من اشجار تثبت التربة وتطلق الاكسجين بعملية التركيب الضوئي.
المهم لم استدل على مكان تفريخ هذا الزوج والغالب انه منطقة آمنه من الغربان والمينا.وقد شعرت بحزن شديد ففي كل عام أجد الوروار العربية تفقد أحد مواطن تفريخها في مدينة جدة، ولربما في وقت لبس بعيد لن نعود نراها داخل المدينة. والحقيقة ان وضعها ليس أفضل في المناطق المحيطة بمدينة جدة فمعظم الازواج التي كنت اتابعها لعشرة سنين أو يزيد لم اعد ارها في اماكنها المعتادة.
وكانت خطافات الجروف تنشط في هذين الشهرين بشكل كبير كانت موجودة في نفس المكان التي اعتادته وهو قريب من هذه المنطقة جدا وقد كانت تأتي من أن لاخر في طيرانها السريع المتعرج الذي بهدف أساسا لجمع الحشرات والهوام الطائرة.
وأخيرا وفي آخر عشر أيام من يوليو صرت اسمع صوت الدخل ابيض الحلق الكبير من السلالة الشرقية التي غالبا ما تأتي في هذا الوقت المبكر لتكون هي وبعض الخواضات اوائل الواصلين في هجرة الخريف.وقد بقيت لفترة اسمعها في المنطقة وأماكن أخرى وكذلك في رحلة الشفا وهناك فقط رأيتها في أشجار الطلح.
وفي النهاية لم اتمالك نفسي من تذكر أيام ليست ببعيدة كنا نرى فيها القبرة المتوجة والبلنصي العربي والقليعي اسود الذيل والقطا الكدرية داخل مدينة جدة إلى جانب العوسق الذي كنت اراه في هذه المنطقة بالذات قبل عام واحد فقط قبل ان تحتل الغربان والمينا الاشجار والاراضي والحدائق.
ارجوا ان لايستمر هذا الحال كثيرا، عموما كانت ايام جميلة رغم المضايقات وان كنت تتساءل كيف استطعت احتمال حر هذا العام الشديد. فقد كنت اتوجه للمكان مع الاشراق وابقى لساعه ونصف على الاكثر قبل أن تشتد حرارة الشمس.
اترككم مع بعض الصور