كل من يسكن جدة يعلم أن طقس شهر سبتمبر سيء جدا رغم عدم ارتفاع درجات الحرارة كثيرا إلا ان نسب الرطوبة تصل إلى درجات خانقة وهو أيضا شهر حافل بالزوار من الطيور المهاجرة فما أن انتصف الشهر حتى ظهرت طيور أبو الفصاد الاصفر والسمامات الشائعة والسنونو أزواج الابلق الرملي التي تقف شامخة على العشب في الحدائق هنا وهناك واختارت طيور الصرد مجاثمها المتوسطة في مواقع ملائمة تسمح لها بالانقضاض على فرائسها من الديدان والخنافس والسحالي وربما القوراض الصغيرة فصار من السهل رؤية الصرد الحسيني وهي يلوح بذيله الطويل كالمروحة وهو يوازن نفسه على خشبة غرست أرضا لتسند شتلات لا تعد ولا تحصى تغرس وتهمل لتموت. وعلى مقربة منه تشاهد الصرد القحافي في مجثم مماثل كما كان في حديقة قريبة من منزلي وربما ربض صرد رمادي على أحد الاشجار العالية وعلى الارض يأتي أبلق شمالي بحلة بديعة متغيرة يدهشنا بها كل موسم.
وعلى الاشجار العالية يمكن أن يكون الكثير خاصة مع انتصاف الشهر مثل الصفاري (أبو صفير) الفزع دائما، وفي الأسوار المطلة على البحر في الكورنيش يمكن أن يحط أمامك رفراف ليأتي زوجه مطاردا . وعلى الشواطىء تظهر العديد من الخواضات الزائرة مثل الطيطوى البيضاء والطيطوى الدراجة التي مازال بعضها محتفظا بحلته الصيفية.
كان يوم 21 سبتمبر مشهودا فقد امتلات الميادين والحدائق بعديد من الطيور المهاجرة وانطلقت التميرات تموء بصخب حول زهورها المفضلة مثل زهور المورينجا وزهور نبات الالماند المتسلق في تصرف اعتدنا أن يكون في منتصف شهر نوفمير بل أن الحباك أيضا انشغل يومها في صنع عش سرعان ما ظهر هيكله في العصر، وحين طلعت إلى سطح البيت لأشاهد التميرات حط أمامي صفاري يافع لم يلبث أن اختفى في تلك الثانية التي رفعت فيها الكاميرا، ولو بقى لكانت صورة رائعة.
أصبحنا في يوم الخميس 22 سبتمبر وقد انقلب الجو وكاننا لسنا في جدة فقد اختفت الرطوبة تماما، ومعها اختفت الطيور المهاجرة لا صرد ولا سمامات ولا طيور ابلق أو أبو الفصاد الاصفر. ورغم حزني نوعا ما إلا اني رحبت جدا بالجو العليل الذي جعل مراقبة التميرات في السطح امرا ممتعا جدا.
استمر هذا الربيع المفاجىء حتى يوم السبت 24 سبتمبر ما سمح للمحتفلين باليوم الوطني ان ينعموا بليلة جميلة.
واستمرت التميرات في صخبها الجميل خاصة بعد العصر وقبيل المغرب، بدون أثر للطيور المهاجرة. ما جعلني احزن وانا اتساءل حين قضيت ساعات الصباح الباكر في الحديقة دون رصد هل انتهت الهجرة مبكرا هكذا.
الاجابة في التدوينة القادمة
اترككم مع هذه اللقطات من هنا وهناك.