وكان مما رصدت في تنومة عدد من الفراشات هذه أحدها.
إلى جانب عوسق مشغول بالتهام فريسة وتنوع جميل من حشرات اليعسوب بالوان زرقاء وحمراء . توقفنا عند مطل يشرف على واد سحيق تطير فيه اعداد طيبة من غربان الغداف.
ثم تلقينا موقعا لنتقابل مع المبدع عوض الشهري وكان ذلك بعد العودة من زيارة مدينة النماص القريبة من تنومة، وكان اللقاء عند وادي عثربين في قرية مليح. وهو منتزه بري يقع على وادي يمتد لمسافة حوالي 5 كيلومترات تحف اشجار الطلح والعرعر وغيرها جلنبي مسيل لا يكاد ينقطع من مياه الامطار.
على مدخل الوادي دلنا الاستاذ عوض على شجرة فيها عش القراع العربي وأشار لنا إلى مجموعة من الاشجار التي فيها زوج من طيور الفردوس المعششة، وسار بنا إلى مسافة كيل او أكثر مع مجرى الماء حتى توقفنا عند جشنة خطماء (جشنة طويلة المنقار)
وهي من الطيور التي كنت اشاهدها في جدة حتى خمس سنين ماضية بل وأعرف مواطن تعشيش عدد منها ولكنها الان لم تعد الاماكن تلك، وكان جميلا أن ارها هنا واسجل صورة مقربة لها.
ثم شاهدنا فتحة الجحر الذي يعشش فيه الرفراف الذي كان جاثما على غصن جاف فوق المسيل ثم رصدنا طائر أبو معول (النساف الارمد) وكانت المنطقة تعج بعديد من الطيور المغردة لم ار معظمها إذ كانت في الاشجار الكثيفة لكن بعضها مثل السمنة الصغيرة والقليعي وصائد الذباب الجمباجي تفضل المجاثم المتوسطة المكشوفة التي تسهل رصدها وتصويرها.
عدنا إلى مدخل الوادي حيث شجرة القراع وكنت قد عقدت العزم ان اشارك رفيقتي متعة مراقبته فطلبت من الاستاذ أبو ملك ان يقف بالسيارة على مقربة مريحة (للطير) من الشجرة بحيث نرى جميعا القراع حين يأتي لاطعام الصغار وكنت أعلم ان الانتظار قاس جدا على من ليس له شغف مراقبي الطيور ولكني ايضا اعلم ان الدكتورة ايناس والحبيبة ياسمين سيسعدن جدا بنتيجة الانتظار ان ظهر القراع، طال الانتظار ولم يظهر وبدا التململ ثم قالت الدكتورة ايناس انظري ماذا هنا اعلى هذه الشجرة، نظرت سريعا فلم انتبه جيدا وسرق انتباهي حركة سريعة تابعتها لاجد انها دخلة الغابات البنية وهي قطعا من طيوري المفضلة، انطلقت خلفها محاولة الحصول على صورة طيبة وهذا أمر فيه تحد كبير مع سرعة حركتها وكانت هذه الصورة.
ومع تتبعي لهذه الدخلة بين الاغصان العالية ظهر الفردوسي وكان هنا اقرب من الذي رأيته في محمية ريدة انهمكت في التقاط الصور ثم تذكرت رفاق الرحلة من المؤكد ان رؤيته ستكون ممتعة لهم وربما يعوضهم عن غياب القراع. ناديتهم بحذر، ولا اخفي عليكم ان مشاهدة الدهشة والاعجاب في اعينهم كانت من امتع اللحظات في الرحلة كلها.
ويبدو أن الدكتورة ايناس قد أدركت أنني لم ار ما حاولت لفت نظري اليه لذلك اعادت الاشارة إلى غصن ما في الأعلى ويا للمفاجاءة كانت الانثى مرخمة على العش.
صحيح أن رؤية الفردوسي كانت على رأس قائمة الطيور التي استهدفتها في الرحلة ولكن لم يخطر في أكثر احلامي جموحا انني سأرى العش أيضاـ فلله الحمد والمنة.
ثم جاء يوم السادس والعشرون من ذو الحجة (2 يوليو) وقد تفضل الاستاذ أبو محمد بالاقتراح ان يأتي معنا إلى بللحمر التي اخبرنا انها مكان ملائم وقريب لرصد العقعق العسيري الذي لم ترصده فوزية لانها لم تتمكن أن تأتي اليوم السابق. ومن بعد الفجر بقليل انطلقنا فالمسافة ليست بعيدة كثيرا فقط 40 دقيقة.
لم تكن الرحلة موفقة فقط للعقعق الذي حصلنا على صور أكثر بكثير مما توقعنا بل أيضا تمكنا من رصد الدخلة اليمنية وهي أيضا من الطيور التي كانت في المرتبة الثانية من قائمة الطيور التي استهدفها في هذه الرحلة بعد القراع. وكانت لنا وقفه مع الحسون اليمني والبريقش العربي والتمير الفلسطيني.
الدخل اليمني