الثلاثاء، 30 يوليو 2024

رحلة أبها 1445 - (الجزء الثاني)

 وكان مما رصدت في تنومة عدد من الفراشات هذه أحدها.



إلى جانب عوسق مشغول بالتهام فريسة وتنوع جميل من حشرات اليعسوب بالوان زرقاء وحمراء . توقفنا عند مطل يشرف على واد سحيق تطير فيه اعداد طيبة من غربان الغداف. 



ثم تلقينا موقعا لنتقابل مع المبدع عوض الشهري وكان ذلك بعد العودة من زيارة مدينة النماص القريبة من تنومة، وكان اللقاء عند وادي عثربين في قرية مليح. وهو منتزه بري يقع على وادي يمتد لمسافة حوالي 5 كيلومترات تحف اشجار الطلح والعرعر وغيرها جلنبي مسيل لا يكاد ينقطع من مياه الامطار.

على مدخل الوادي دلنا الاستاذ عوض على شجرة فيها عش القراع العربي وأشار لنا إلى مجموعة من الاشجار التي فيها زوج من طيور الفردوس المعششة، وسار بنا إلى مسافة كيل او أكثر مع مجرى الماء حتى توقفنا عند جشنة خطماء (جشنة طويلة المنقار) 

وهي من الطيور التي كنت اشاهدها في جدة حتى خمس سنين ماضية بل وأعرف مواطن تعشيش عدد منها ولكنها الان لم تعد  الاماكن تلك، وكان جميلا أن ارها هنا واسجل صورة مقربة لها.


الجشنة الخطماء

ثم شاهدنا فتحة الجحر الذي يعشش فيه الرفراف الذي كان جاثما على غصن جاف فوق المسيل ثم رصدنا طائر أبو معول (النساف الارمد) وكانت المنطقة تعج بعديد من الطيور المغردة لم ار معظمها إذ كانت في الاشجار الكثيفة لكن بعضها مثل السمنة الصغيرة والقليعي وصائد الذباب الجمباجي تفضل المجاثم المتوسطة المكشوفة التي تسهل رصدها وتصويرها.

الذبابي الجمباجي

عدنا إلى مدخل الوادي حيث شجرة القراع وكنت قد عقدت العزم ان اشارك رفيقتي متعة مراقبته فطلبت من الاستاذ أبو ملك ان يقف بالسيارة على مقربة مريحة (للطير) من الشجرة بحيث نرى جميعا القراع حين يأتي لاطعام الصغار وكنت أعلم ان الانتظار قاس جدا على من ليس له شغف مراقبي الطيور ولكني ايضا اعلم ان الدكتورة ايناس والحبيبة ياسمين سيسعدن جدا بنتيجة الانتظار ان ظهر القراع، طال الانتظار ولم يظهر وبدا التململ ثم قالت الدكتورة ايناس انظري ماذا هنا اعلى هذه الشجرة، نظرت سريعا فلم انتبه جيدا وسرق انتباهي حركة سريعة تابعتها لاجد انها دخلة الغابات البنية وهي قطعا من طيوري المفضلة،  انطلقت خلفها محاولة الحصول على صورة طيبة وهذا أمر فيه تحد كبير مع سرعة حركتها وكانت هذه الصورة.


ومع تتبعي لهذه الدخلة بين الاغصان العالية ظهر الفردوسي وكان هنا اقرب من الذي رأيته في محمية ريدة انهمكت في التقاط الصور ثم تذكرت رفاق الرحلة من المؤكد ان رؤيته ستكون ممتعة لهم وربما يعوضهم عن غياب القراع. ناديتهم بحذر، ولا اخفي عليكم ان مشاهدة الدهشة والاعجاب في اعينهم كانت من امتع اللحظات في الرحلة كلها.



ويبدو أن الدكتورة ايناس قد أدركت أنني لم ار ما حاولت لفت نظري اليه لذلك اعادت الاشارة إلى غصن ما في الأعلى ويا للمفاجاءة كانت الانثى مرخمة على العش.



صحيح أن رؤية الفردوسي كانت على رأس قائمة الطيور التي استهدفتها في الرحلة ولكن لم يخطر في أكثر احلامي جموحا انني سأرى العش أيضاـ فلله الحمد والمنة.

ثم جاء يوم السادس والعشرون من ذو الحجة (2 يوليو) وقد تفضل الاستاذ أبو محمد بالاقتراح ان يأتي معنا إلى بللحمر التي اخبرنا انها مكان ملائم وقريب لرصد العقعق العسيري الذي لم ترصده فوزية لانها لم تتمكن أن تأتي اليوم السابق. ومن بعد الفجر بقليل انطلقنا فالمسافة ليست بعيدة كثيرا فقط 40 دقيقة.

لم تكن الرحلة موفقة فقط للعقعق الذي حصلنا على صور أكثر بكثير مما توقعنا بل أيضا تمكنا من رصد الدخلة اليمنية وهي أيضا من الطيور التي كانت في المرتبة الثانية من قائمة الطيور التي استهدفها في هذه الرحلة بعد القراع. وكانت لنا وقفه مع الحسون اليمني والبريقش العربي والتمير الفلسطيني.

السمنة الصغيرة

الحسون اليمني البالغ

الحسون اليمني اليافع

العقعق العسيري

التمير الفلسطيني

ابو بريقش العربي (تحت فصيلة من البريقش الافريقي)


الدخل اليمني

العقعق العسيري

ثم جاء اليوم الاخيرأو يوم السفر، موعد الرحلة كان الثانية ظهرا ما يعني ان رحلة للطيور مبكرة من الساعه الخامسة ممكنة ولكن أين، على صعيد شخصي كنت قد حققت اهم طيرين من لائحة اهدافي. وهما القراع والدخل اليمني وصحيح اني ما صورت القهد (الحجل العربي) ولكني رايته وهذا جيد فالحقيقة اني اعتبر نفسي راصدة طيور في المقام الاول. من الطيور التي كنت اتمنى رؤيتها هو الاشدق العربي والنعار اليمني . ولكن في اعماقي كنت اتمنى ان اقضي وقتا اكثر مع القراع. ومن الجميل أن هذا كان رأي الصديقة العزيزة فوزية الخميس ولذلك تكرم الاستاذ أبو محمد كعادته بالاقتراح ان نذهب مرة أخرى إلى القراع الذي صورناه يوم 23 ذو الحجة .
اجمل ما حدث بعد الفجر ونحن ننظر أبو محمد أن الجميلة ياسمين قررت أن تأتي معنا فقد استيقظت وشعرت انها اكتفت بالنوم.
حذرتها ان الامر قد يتطلب اوقات انتظار طويلة قالت لا يهم سيكون هذا اكثر متعة من البقاء وتصفح الجوال. والحقيقة أن تفاؤلها قد انتهى بحدث جميل استطاعت توثيقه بجوالها. 
وصلنا للشجرة المنشودة وكان المكان هادئا جدا أكثر من المرة السابقة ولا أثر للقراع طال الانتظار وظهرت الزرازير على الشجرة والشجرة المقابلة لها ولم يظهر القراع.
تحركنا للبحث عن الوقواق الراهب الذي سمع الاستاذ أبو محمد نداءه رأيناه وكان هذا اضافة جميلة جدا لقائمة الرصد. وقرر أبو محمد ان نركز مع الوقواق ولكن بعد أن نتأكد من ان لا أمل مع القراع.
و عند العودة سمعنا اصوات الفراخ داخل العش فبدا لنا أن الابوين قد أطالا الغيبة وان عودتهم قريبة باذن الله وقد ظهرت الانثى أولا  ودخلت للصغار ثم جاء الأب وسرعان ما جاءت الزارزير لتساكشه فانطلق يتصدى لها ومنقاره ملىء بالديدان، لان طرد المتربصين بالعش اولى.  غاب الابوين مرة اخرى وكان هنا حضور قوي لاحد ذكور الزرزور ولكنه لم يقترب من فتحة العش و ان حط على غصن قريب حتى انقض عليه القراع الذكر. جاءت الأم ودرحت بحركتها الرشيقة على جذع الشجرة يساعدها في ذلك مخلبين اماميين ومثلهم خلفيين مصممين ببراعة لهذا الغرض (فتبارك الله أحسن الخالقين) ثم نزل الذكر وكان المشهد الذي قامت ياسمين بتسجيله بعدسة جوالها في فيديو لطيف. 




وكانت فرصة لعديد من الصور تجمع الذكر والانثى ، وحين فرغت الانثى من الاطعام حطت على غصن علوي في الشجرة ليأتي الزرزور ويطردها ويأخذ مكانها وكانت صورة جميلة تجمع بين اضاءة شعاع الشمس على رأسه الذي ظهر بلون مغاير عن لون باقي الجسم الذي كان في الظل. وهذه الصور.





بعد هذا اتجهنا لمحاولة توثيق الوقواق الراهب الذي رغم انه مثل ديدريك سيضع بيضه خلسة لدى الطيور الاخرى في المنطقة إلا ان حجمه الكبير كان حصانة له من هجمات الحباك وغيره من الطيور التي ستتبنى مرغمه صغاره . وكان مسك الختام مع الدخل العربي الجميل أحد الطيور التي لا أمل من تصويرها واتمنى ان تتاح لي فرص عديدة لاقضى وقتا أطول معاها.


الوقواق الراهب


الدخلة العربية او دخلة البحر الاحمر