الخميس، 13 يوليو 2023

الفداء

 في احد أيام ترددي على المنطقة التي وصفتها في التدوينة السابقة لاحظت أن أحد التُمرات  تتصرف بشكل غير معتاد فهي تصدح بطقطقاتها المألوفة ولكن بتسارع يدل على التوتر الشديد وتتعمد أن تقف على مجاثم مكشوفة غير تلك التي اعتادت في الايام السابقة أن تتخذها على اغصان شجر الأثل ، كانت تقف باصرار على السور المعدني وتطلق اصوات ربما كانت مثل المألوف ولكن وتيرتها كانت مقلقة وقد كنت لاحظت تجمعا للغربان في المنطقة كنت تحدثت عنها في التدوينة السابقة عن ببغاءات الدرة. وكان سلوكها هو ما اعتدنا عليه في سنين وجودها منذ تسعينات القرن الماضي فهي مؤذية وشديدة العدوانية تجاه كل الطيور الاخرى وتجاه القطط في كثير من الاحيان دائمة الصراخ . ثم حط غرابين على السور المعدني لبرهة وهم ينظروا للاثلة المقابلة إذ انقض احدهم وعاد والرشيقة تصارع الموت بين منقاريه الغليظين. 

اعتذر عن قسوة الوصف ولكني لم اجد تفسيرا له سوى ان التمرة الرشيقة المسكينة لم تجد حلا لحماية صغارها الموجودين في العش في مكان ما ربما في الرطريط سوى ان تفتديهم بنفسها عله يكتفي ويترك المنطقة.

المحزن أن هذه التضحية الكبيرة ربما لن تكون كافية لانقاذ باقي العائلة فهناك الكثير من الغربان المتعطشة للمزيد. 

والمؤسف ان هذه التمرة لاتمتلك أي سبيل لمواجة متكافئة ولا حتى للردع فقدرها للاسف محتوم مادامت هذه الكائنات الكريهة ومعها المينا موجودة. 

زيارة سريعة لكورنيش جدة الاوسط ستوضح اختفاء كل الطيور المعروفة مثل النورسين ابيض العين والاسخم والبلشونات بأنواعها الصخري والمخطط والزقزاقات والخرشنات وبالمقابل اعداد غير منطقية من الغراب والمينا الدخلين على البيئة. ما يجعلنا نشعر بالغضب من أي مناشدات تدعي رحمة زائفة حين نطالب بحملات منظمة للقضاء او على الاقل السيطرة على اعداد المينا والغراب اللذان ثبت ضررهم الكبير على الطيور المحلية سواء كانت صغيرة لاحول لها امامهم أو حتى طيور ضخمة الحجم مثل البجع أو النوارس . 

وقد اثبتت الحملات السابقة في العقد الاول من هذا القرن نجاحا باهرا جعلنا حتى عام 2020 نستمتع بعديد من الطيور على هذا الشاطىء سواء الطيور الخواضة والبحرية أو حتى طيور الحدائق التي ايضا اختفت هذا الصيف.