استيقظنا يوم الخميس 30 ربيع الثاني 24 نوفمبر 2022 على صباح مشرق صحو رغم تحذيرات الأمطار وتعليق الدراسة في الجامعات والمدراس.خرجت مبكرا لجولتي المبكرة المعتادة حتى اقتربت الساعة على الثامنة صباحا وصرت أتساءل هما إذا كانت التحذيرات صحيحة وسرعان ما هجمت الغيوم السوداء المخيفة التي ذكرتني بيوم مماثل منذ 30 عاما كنا في المعامل مع الطالبات وصرنا وكأننا وقت بعد الغروب. وبدأ المطر خفيفا ثم اشتد قليلا فصعدت لغرفة السطح للمراقبة والانتظار حتى ينتهي المطر وتخرج التميرات لتحتفل احتفالها المعهود. لم يتوقف المطر بعد ساعة ولا ساعتين بل اشتد بشكل عجيب انست بالرحمة لبرهة وانا اتخيل كيف أن هذا المطر سيزيل تراب وعفر سنين من فوق مبانينا وسرعان ما تذكرت ما يسببه المطر لمدينتنا الجميلة وعرفت أن كل هذا الماء سيغرق الانفاق وأن الافضل عدم الخروج في مثل هذا اليوم حتى لو توقف المطر.
توقف المطر بعد ست ساعات متواصلة وقبل ذلك انتشرت أخبار السيول والمآسي التي خلفها وجاء الخبر اليقين مع العصر وتقرير الأرصاد الرسمي أن كمية المطر النازلة على حينا كانت 44 ملم وهذه كمية كبيرة، لكن هناك مناطق في شرق جدة وشمالها الشرقي تجاوزت كميات الهطول 150 ملم ما أدى إلى جريان السيول التي أدت لايقاف المرور في طريق مكة السريع وغيرها من الأضرار.
خرجت التميرات بعد المطر لتصيد الحشرات الطيارة التي اخرجها المطر وكان منظرا رائعا كالعادة انشغلت بمراقبته ولم اتمكن من توثيقه. ولست أسفه في الحقيقة أن جمال المنظر ومتعتة مشاهدته أكبر من تلقطها أي عدسة.
ظلت الامطار تنزل في أيام متفرقة طوال شهر ديسمبر لم تكن شديدة بل ممتعة ولكنها ذكرى سيول شهر نوفمبر كانت حاضرة ، ما جعل المسؤولين يكونوا في جانب الحيطة في قرارتهم الموقفة لتعليق الدراسة وتجنيب الناس أي مخاطر. وكان يوم الخميس 5 جماد الثاني 29 ديسمبر من أيام تعليق الدراسة وكان الجو غائما طوال النهار ولكن بلا أمطار حتى صرنا نتندر متذكرين المثل الذي يقول "من لسع من الشوربة سينفخ في اللبن الزبادي" سهرنا مع العائلة كالعادة وفي طريق العودة راينا بروق بعيدة في جهة الغرب. وصلنا بحمد لله في الوقت الملائم وما ان وقفت أمام النافذة أشاهد البرق واسبح حتى انطلق صوت النغري في صيحة تحذيرية كنت قد سمعتها في ليلة سابقة من عدة سنين اعقبها هطول مطر غزير وعندها عرفت أن المطر قادم والحقيقة أني كنت متفائلة فما جاء كان عاصفة مطيرة كتلك التي ضربتنا عام 1995 ولاول مرة منذ سكنت هذا المنزل دخلت المياه من النوافذ الشمالية والغربية ومن باب السطح ، وجاءت صفارة الانذار التي انطلقت من اجهزة الجوال لتزيدنا توترا. ، وبحمد لله مرت العاصفة سريعا وانشغلنا بازالة المياه. وطار النوم من عيوننا في انتظار توقف المطر الذي لم يتوقف إلا قبل الفجر وبفضل الله لم يكن قويا جدا ولكنه كان ممتعا لو لم تسبقه تلك العاصفة المخيفة.
لم تتوقف الامطار المتفرقة إلا بعد انقضاء أول أسيوع من شهر يناير. وبذلك انتهى موسم مطري تاريخي جاء على كل مناطق المملكة.
وبعد الهطول الشديد ورغم كل الشدائد سرعان ما ظهرت نتيجة هذه الرحمات المتوالية في مشاهد تاريخية مدهشة لمروج ومياه جارية في
طول طريق مكة وطريق هدا الشام شمال شرق جدة.