السبت، 7 مارس 2015

الهجرة الربيعيه 1436/ 2015

كما هي العادة كانت الشفشافات أول من وصل، سمعت أصواتها من بدايات شهر فبراير ولكني اعتدت أن أجعل بداية للهجرة هو اليوم الذي أحصل فيه على صورة معقوله لها، أن هذا يعني أنها اصحبت بأعداد كافية لتصبح متألفه مع المكان. وكان هذا في يوم 16 فبراير حيث التقطت هذه الصورة حين أتت لتشرب الماء قبيل الغروب





بعدها بأيام قليلة بدأت أسمع صوت دخلة أبجر Upcher's warbler وهي مشابه كثيرا في طقاتها مع دخلة الزيتون ولكنها تحتلف في النبرة والحدة فهي أضعف وكذلك كان أول يوم رأيتها فيه هو الأربعاء 25 فبراير وفي هذا اليوم أيضا كان أول رصد لدخلة البساتين الشرقية Eastern orphean warbler.
في يوم الأحد 1 مارس رأيت أبجر لأول مرة حين نزلت لتشرب الماء ولكنها كانت سريعة جدا، ليظل الشك ان كانت حقا أبجر وليست دخلة الزيتون، الاجابة القاطعه لن تأتي مالم أحصل على صور.
وفي هذا اليوم أيضا كان أول أقتراب من دخلة البساتين أورفيان، ولكنها ظلت داخل حرش الأثل وأبت أن تخرج إلى غصن مكشوف. ولكني أخذت صورة توثيقية لها. وكذلك بقيت الشفشافات تتجنب مكان الرصد حيث أضع الماء وهذا عائد غالبا إلى تزاحم الحباكات العديدة وطيور الدوري على الطعام الذي أضعه هناك، هذه الطيور أصبحت متعه ما بعدها متعه للمراقبة خاصة حركاتها المضحكه عند التنافس للطعام فهي تخيف بعضها البعض حينا وتعض أرجل بعضها حينا آخر حتى تبقي وحدها مكان أعلق قطعة الخبز. لذلك غالبا ما تخاف الدخلات من الاقتراب، الوحيد الذي كان يأتي في الأشهر الماضية ولكن بعد تردد شديد هو الشماس black cap وأخيرا ظهر زائر غير متوقع ولكنه ادخل السعادة إلى قلبي وهو الدوري الذهبي العربي، ولكني شعرت بغضب شديد حين رأيت ذيله المنتوف. فهذه الطيور المذهلة يتم أسرها من موطنها في عسير لتباع في الأقفاص على أنها طيور كناري أو تصبغ بألوان غريبة وتباع على أنها طيور استوائية.



هذا الجميل أتاني بلون أرزق وأخضر يوم الخميس 26 فبراير ومع الاستحمام استعاد لونه الجميل ويبدو أن المنطقة راقت له وقد أصبح متالفا مع اناث وصغار الحباك يشاركهم طعامهم بدون عراكات.
وبعد ذلك ظهر في المنطقة زائر آخر غير متوقع ولكنه قبيح غير مرحب به هو جرذ مقرف، منظره كان كافيا لأترك موقعي وأقرر أن أدخل الحديقة علني أوفق في صور لتمير وادي النيل الذي كان صاخبا بشدة يومها، ولكنه كان دائما أسرع مني فلم يكد يحط على غصن من أغصان الجهنمية حتى يتركها ليطارد "دينا أميرة النيل" عروسه الجميلة. وفي لحظه حط طير صغير التقطته بسرعة لأحصل على لقطة مهزوزة ولكنها كافية لاعرف أنه الدخل أبيض الحلق الصغير.
وكان من الملاحظ أن الهجرة كانت بطيئة في أول عشر أيام من مارس فلم أرصد ما يجدر بالذكر سوى دخلة بيضاء الحلق كبيرة وقد بدا أنها بكرت في الوصول فهذه لا أرصدها عادة قبل منتصف أبريل، حتى ظهر أبلق بادية أو فقاقة زبانية لا أدري فلم أحصل على صورة واضحة وكان هذا في الثالث عشر من مارس. وقبل هذا بيوم كنت قد رصدت الفقاقة الزبادية في المنطقة المحيطة بالجامعة حيث أعمل. إلى جانب انتشار كل من الأبلق الرملي والشمالي في الاحراش الصحراوية حول وداخل مدينة جدة ولكن كلاهما لم أرصده في منطقتي هذا الموسم حتى الان.



للأسف انشغالي بالعمل لم يعطيني الفرصة لملاحظة الحديقة بشكل دقيق حتى يوم 21 مارس حيث بدأت اجازة الربيع. وهنا كان ممارصدت أبلق البادية في يوم 24 مارس وكان رصدها هذا العام الرصد الأول له في منطقتي ليرتفع عدد الطيور التي رصدتها إلى 67 صنفا مع الاخذ في الاعتبار التقسيم الحديث للصرد أحمر الذيل إلى صنفين هما الصرد التركستاني الكحيل وصرد الديوران وتأكيد رصد دخلة الالب Sup-alpine warbler بعد أن أورد كلا من الاخ تركي الأزوري ومنصور الغشام رصده في منطقة الأراضي الرطبة وكان هذا بصور واضحة. مما جعلني أثق في تسجيلي له في شهر سبتمبر من العام 2008.
في ذلك اليوم بدت الشفشافات جريئة جدا وكانت كذلك في ترددها بدون خوف مني حين تأتي إلى حوض المياه الذي أجلس على مقربة منه.



في يوم الأربعاء 25 مارس تغير كل شيء وبدأ أنه البداية الحقيقة للهجرة الكثيفة حيث من أول ما نزلت إلى المنطقة المحيطة بمنزلي لفت نظري طيران غير مالوف وبالنظر إلى حيث وقف على أغصان أشجار الاثل ولحسن الحظ حيث يقع أول شعاع للشمس المشرقة فكانت هذه الصورة لطائر اللواء الذي لم أرصده في موسم الهجرة الخريفية السابقة.



 امتلئت الحديقة بالشفشافات والدخلات بيضاء الحلق الصغيرة التي كانت كثيرا ما تبدو جريئة جدا بشكل ربما وصل إلى حد التهور متجاهلة وجود العديد من القطط حولها وهي تنزل بشكل متكرر لشرب الماء والاستحمام. ومثلها كانت دخلة الزيتون الشرقية وهذه المرة لم أجد صعوبة في تمييزها عن أبجر حيث حصلت على صور جيدة لها كما أن تغريدها المتواصل أكد لي ان هناك زوج وانهما يتحضران للتزاوج.
في ذلك اليوم ظهرت دخلة البساتين الشرقية ولكنها حذرة جدا فلم تقترب. بعكس الدخلة بيضاء الحلق الكبيرة التي لم يمنعها حذرها من أن تنزل لالتقاط ثمرة أو برعم من أحد النباتات القريبة من حيث أجلس في مقابل حوض الماء الذي أضعه لها.
وظل الشماس (أبو القلنسوة السوداء) حذرا ورفض الاقتراب تماما في ذلك اليوم.














تضايقت جدا من عدم ثقة الشماس (عصفور التين) بي لذلك قررت اخراج جميع اسلحتي السرية، وبدأتها بالتين وعززتها بشريحة من ثمرة كمثرى حلوة جدا. وعلقتها لهم مكان قريب من حوض المياه حيث أجلس خلف كاميرتي. وتركتهم لليوم الثاني وتجنبت المنطقة تماما باقي النهار.
خطتي كانت ناجحة تماما مع الكمثري وهي في الحقيقة مجربة سابقا فقد كان الشماس من أوائل الطيور التي ظهرت في صباح يوم الخميس 26 مارس ويومها اكتشفت ان لدي ذكران وأنثى ولكن الانثى كانت لا تظهر أبدا في وجودي ولكن الذكور كانت أكثر جراءة وصبر على احتمال مضايقات الحباكات التي كانت تطردها باستمرار. ليس فقط الشماس بل أصبح الدخل أبيض الحلق الصغير أيضا دائم التردد عليها .






كان يوم الإثنين 30 مارس حافلا بمفاجأتين الأولى كانت من العيار الثقيل وهي ذكر هزار أزرق الحلق، رأيته منذ نزلت إلى الحديقة وهو سجري على العشب مبتعدا ولكنه لم يطير وظل يجري هنا وهناك مختبئا في الظلال التي كانت كثيفة جدا في تلك الساعد المبكرة من الصباح. أسعدني ذلك بشكل كبير فهو هزار بديع رائع الجمال حسن التغريد وقليل الخوف وقد كنت رصدته وجود اعداد منه في فبراير الماضي في منطقة الاراضي الرطبة ملئتها بتغريد شجي ساحر. ورغم انه مهاجر شائع وطائر مشتي معروف في جدة وحولها إلا ان هذا كان الرصد الأول له في منطقتي مما جعله الطائر رقم 68 ولله الحمد والفضل والمنة.

طبعا لم أحصل على هذه الصورة بسهولة فهذا الهزار هادىء الطبع وجريه على الارض رشيق ولكنه يفضل الظلال الكثيفة مما يجعل تصويره صعبا جدا. وحتى بعد أن أكمل جولته في الحديقة وبدا أنه اكتفى بما جمع من الحشرات فقد قرر أن يقف على بلاطة صغيرة معطيا ظهره للمنطقة التي كنت أكمن فيها له. وظل كذلك لفترة طويلة.
في مدة انتظاري له ليغير وقفته عله يقترب، ظهر في الجانب الآخر من الحديقة ذكر جميل من الحميراء طبعا ليس من الصعب التعرف عليها حتى من مسافة بعيدة وذلك بسبب حركة الذيل الارتعاشية المعروفة. هذا الهزار الجميل كان شديد العصبية ظل فترة طويلة حتى استطاع أن يجمع شجاعته لينزل إلى حوض الماء وبعد أن شرب القليل فقط طار واختفى ولولا اصوات (تشل تشل) خافته له لظننت أنه ترك الحديقة تماما.




لم يطل بي الوقت حتى أدركت أن جلستي لن تكون مثمرة فقررت أن أترك الحديقة لفترة من الزمن حتى يشعر كلا من الضيفين بالراحة علي أظفر بصور جيدة لهما.
قيبل الساعة الرابعة بقليل اكتشفت المكان الجديد الذي انتقل له الهزار أزرق الحلق وهو تحت أجمات الاكزورا وكان هذا أفضل من ناحية الاضاءة من مكانه في الصباح. تطلب الأمر استخدام الكثير من المهارات في التسلل والزحف على الركب للوصول إلى مكان قريب نسبيا وهنا لم يكن مجال لإستخدام الكاميرا والعدسة الكبيرة. ولكن عدسة 300 ملم قامت بالواجب والحمد لله ظفرت بهذه الصور.



للأسف روعة اللون الأزرق في الحلق لم تكن كما كانت تحت إضاءة نور الصباح. اتمنى أن يتكرم علي هذا الجميل بزيارة أخرى تعطيني فرصة لصور أفضل.