حل الغروب وسكت الاذان وانسابت ألحان تغريد خافت بدا مألوفا، بحثت عن مصدر الصوت بدون نتيجة وصار الامر اصعب مع عتمة الغسق. زادت حيرتي مع استمرار اللحن الشجي الذي تحول إلى ما يشبه المناجاة الحزينة انصهرمعها صوت الاقامة الخافت وحينها فقط وجدت الشولة السوداء على غصن عال جفت اوراقه منذ زمن. كنت الشولة تطل على ما تبقى من شجرة مقابلة كانت تحبها. لم تقطع الشجر كلها ولكن ازيلت اغصانها الخضراء بكل ما فيها من ثمار وازهار. ازيلت لان بعض عابري السبيل يتسلقوها لقطف الثمار او الاغصان المزهرة. لم افهم المنطق ففي نهاية المطاف ستترك الازهار لتسقط ارضا وستجف الثمار التي لم تأكلها العصافير وببغاءات الدرة وغيرها وفي كل ثواب صدقة لمن زرع الشجرة.
لا أعتقد ان للشولة عش على الشجرة المنكوبة لانها تفضل التعشيش بين جنبات السعفات القديمة الجافة لنخل التمر في بيت مهجور في الشارع الخلفي . ولا ادري ان كان ذلك اللحن الشجي حزنا على موئل واغصان كانت تحبها ولها فيها ذكريات، ام ان الامر برمته اضغاث احزان تتملكني.