الثلاثاء، 9 مارس 2021

المنهج العلمي وتصوير الاعشاش 2

 

لدي مع الاعشاش تجربتين أود أن أشارككم بها.

التجربة الاولى في نهاية يناير من العام 2011 بعد موسم ماطر بشكل اكثر من المعتاد رصدت أنثى دخلة منتيري وهي تقضى وقتا طويلا على الأرض التي ما زالت مبللة من مطرة تاريخية هطلت قبلها بأيام وكانت الدخلة تجمع الديدان وتطير بها إلى داخل حرش من أشجار الاثل بشكل متكرر لمدة عدة أيام. تواصلت مع الاستاذ مايك جننز وذكرت له شكوكي أن تكون هذه الدخلة مفرخة. خاصة واني كنت قد رصدت الذكر قبلها وهو جاثم على أحد الاغصان نافخا ربش ذقنه ورأسه مع صوت تغريد جميل. هنا طلب مني مايك أن أستمر في المراقبة فإذا كان هناك تفريخ فالفراخ لن تلبث أن تظهر. وكان الحل الاخر هو أن أحصل على صورة للعش ولكنه نصح أن لا أفعل هذا إلا مع شخص له خبرة في هذا الامر.

مع استمراري في المراقبة لم أحصل على أي نتيجة فالدخلة لم تعد تقضي وقتها في ذلك المكان بعد أن جفت الارض، وعادت إلى عادتها في التنقل بين الأجمات المزهرة في الحدبقة وانتظار تشغيل نظام الري الآلي لتحصل على حاجتها على من الماء للشرب والاستحمام.

واليوم بعد مراقبتي لهذه الدخلات لسنين لاحظت في هذه الفترة (نهاية شهر يناير وبداية فبراير) غالبا ما تشهد وصول أعداد جديدة من هذه الدخلات التي قد تكون وصلت من الجنوب، وصولها إلى الحديقة هو ما يسبب الشعور بالحماس لدى تلك الموجود في المنطقة منذ الخربف فتستقبلها بنفخ الريش وشيء من التغريد العذب الذي تصدح به خاصة في فترة الضحى.


 تفاعل دخلات منتيري من الدخلات التي وصلت حديثا للحديقة يوم 28 فبراير 2021


التجربة الثانيه. منذ حوالي سبع سنين عودتني طيور الحباك على أن تقوم ببناء عشها أمام نافذة حجرة النوم في الطابق الثاني. حيث يبدأ الذكر بالعش الاول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع أو ربما الخامس وفي هذا الوقت أقوم بكل حماس بقضاء ساعات بعد الظهيرة في التصوير بالصور الثابتة والفيديو، وكم هو سهل وممتع فالحدث أمامي اسجله وأنا مرتاحة في حجرتي كل ما علي هو فتح النافذة والتقاط الصور بعدسة متوسطة فلا حاجة لزوم كبيرة. وبعد ذلك يختفي الحباك وتهجر الاعشاش لفترة ثم يأتي الذكر ويمزقها جميعا. وقبل عامين وبالتحديد في شهر فبراير من العام 2019 بدأ الحباك في موعده المحدد عش ثم أخر ثم أخر ولكني كنت منشغلة عنه لأمر ما، وهنا جاء زوجي يقول لي ارجوك دعي الطيور في حالها هذه أول مرة تفرخ، فقد شاهد الام من نافذة الوالدة وهي تحضر الديدان والحشرات للفراخ. صدمني تعليقه فلم أكن أتصور أن وجودي كان يفزعها لهذا الحد. والحمد لله فقد تعلمت الدرس جيدا في فبراير من العام 2020 وما ان بدأ صنع العش الاول حتى أسدلت الستارة والشتر، وصرت أتابع ما يحدث من أسفل الاعشاش من الحديقة.

واليوم أدركت يقينا أن الحباك داخل عشه على دراية كاملة بكل حركة أقوم بها حين أقف أمام النافذة حتى بدون أن أفتحها. فصرت وزوجي نراقبهم من نافذة حجرة الوالدة لأنها تتيح منظر افضل وعلى مسافة لا تثير توتر الأبوين.


 تصوير الحباك وهو يستعرض من أسفل على مساقة حوالي 4 أو 5 أمتار التي اعتقد أنه لم يكن منزعجا منها. 


الحقيقة أن مثل هذه التجارب في التعامل مع الاعشاش وغيرها قد تم توثيقها منذ زمن طويل لدى الكثير من الهيئات المختصة بعلم الطيور وفي الكثير من البلاد أصبح تصويرالاعشاش من الامور التي يستقبحها عامة الناس، والكثير من منصات التواصل الاجتماعي صارت تعتبر تصوير الاعشاش من أشكال الاساءة للطيور التي يمكن الابلاغ عنها وتؤدي لحذف الصور.

حقيقة لا أصدق أننا لازلنا نناقش هذه المسألة المقطوع فيها لكل من يهتم برصد ودراسة سلوك الطير، أما بالنسبة لأولئك الذين ينحصر عندهم الامر في مجرد جمع لايكات واستعراض المعدات الغالية فالاكيد أن هذا الكلام لن يكون له وزن عندهم.

والنصيحة لمن يوفقني الرأي ويرفض هذا أن لا تتردد في الابلاغ عن أي حساب ينشر صور أعشاش أو فراخ لم تغادر العش مهما كانت صلتك بصاحب هذا الحساب.

والله من وراء القصد.